السبت، 27 أبريل 2013
8:29 ص

كيف تقول لا ؟



مشكلة المشاكل هو عندما نقول “نعم” وفي قلوبنا “لا” تصرخ. كلنا نوّد أن نملك الشجاعة أن نقول لا عندما لا نريد أمرا معينا، لكن، لأننا بشر ولدينا حاجة في أن يحبنا الآخرون، نخاف أن يحزنوا، أو يظنوا أننا قاسين، أو أنانيين أو غير ذلك مما نهرب منه “ظن الآخرين بنا”.
عندما نقول نعم ونحن لا نريد أن نقولها، فنحن نتعب أنفسنا، نزيد من المهام أو المسؤوليات (فعلية كانت أو عقلية) الملقاة على عاتقنا، نقول ونكرر مئة مرة خلال ذلك الوقت “ليتني قلت لا. ليتني رفضت. المرة القادمة سأرفض” وعندما تتكرر الحكاية لا نفعل، بل نستمر بقول نعم. وهذا يزيد من التوتر، القلق، والضغط!!!
-->
مشكلتنا أننا “نعتقد” أننا عندما نقول لا سيغضب أو يحزن من أمامنا. ونعتقد (سواء نحن قلناها أو قيلت لنا) أن كلمة لا كلمة سوداء، قاسية، صعبة، وأنانية في حين أن كل ما في الأمر أنها “عكس” كلمة نعم.
اعتقادنا نحن عن رفض فرصة أو مهمة أو أيا كان، هو الذي يجب أن نقوم بتغييره، ونحسن التعامل معه من أجل راحتنا. عندما يخبرني أحدهم عن لقاء أو تجمع وأكون وقتها جدا مضغوطة ومشغولة ولدي مهام أخرى مرتبطة بي أو بآخرين، ما هي المشكلة لو قلت أعتذر لا أستطيع الحضور؟ لنفكر منطقيا قليلا، ماذا سيحصل لو قلنا “لا” لأي شخص يطلب منا أمرا ونحن “حقا” لا نستطيع؟ الأمر بكل بساطة هو: الانسان لديه قدرة وطاقة ووقت محدود، واذا زاد ما يجب عمله (مسؤوليات وواجبات) عليه يشعر بالضغط وكثرة الضغط قد تسبب الكآبة أو الأمراض في بعض الحالات الشديدة.
دعنا نوضح أمرا هنا، عندما نقول “لا” لا نتحدث عن رفض مساعدة الآخرين، أو تقديم العون لهم، إو إسعادهم، فهذه ممارسات تنعش قلوبنا وتفرحنا، وتجعلنا نشعر بأهميتنا والأهم من ذلك كله هي احسان للناس، ومن يحسن لهم بنية طيبة، يحسن الله البرّ إليه سبحانه. فالأمر لا توجد به قاعدة عامة أو ثابتة لأنه يعتمد على الوضع والشخص والأمر وكل ما في ذلك من عوامل، فنحن نتحدث عن قول لا بشكل عام عندما لا نرغب أو لا نستطيع فعل أمر معين طلبه منا بعض الأشخاص. فالايثار ومجاهدة أنفسنا لمساعدة أحدهم، لا يدخل في موضوعنا هنا. وكما نعلم كلنا هناك أناس يقولون “لا” حقا بنية عدم رغبة المساعدة أو التعاون وهذا أمر يخصهم، وسنأتي له في موضوعنا القادم.
اتفقنا الآن أن صعوبة قول كلمة لا متعلق غالبا باعتقادنا نحن عن كلمة “لا”. لأننا لو نظرنا إلى الأمر من زاوية الآخرين، لا نستطيع التحكم بهم، ولا بطبائعهم، ولا تصرفاتهم، فلا نستطيع أن “نضمن” أن كل الناس سيفهمون معنى كلمة لا، أو لا يفهمون، ونتصرف مع الآخرين بناء على ذلك. كن نفسك بأدب وأخلاق، وتذكر أن الناس مختلفين ولا يد لك في ذلك.
يأتي الأن الأمر الهام وهو كيف أقول لا. اذا عرضت علي فرصة أو طلب مني أمر معين، أولا أخبر من طلب أو سأل أني سأفكر وأرد بعد ذلك. فهذا أولا لا يعطي الشخص أي أمل تكسره له في المستقبل، وهذه هي طريقة ممتازة وأخلاقية للتعامل في هذه المواقف. بعد ذلك استخير، اسأل الله، اسأله في كل شيء، كان الصحابة الكرام يستخيرون الله حتى في أي حذاء أو نعل، أجلكم الله، يلبسون!! تخيل. اسأل الله باسمه البصير، فالله سبحانه عليم بكل تفاصيل أمورنا ويعلم أين الخير حتى بالأمور الدقيقة اليومية، سبحانه. بعدما تقرر، لو كان ردك لا، لا تخف ولا تقلق، وتذكر أن صدقك في ردك هو المهم. احرص على أن تقل كلمة لا بأدب وبأخلاق ولطف، بشكل تجعل الشخص الذي أمامك يفرح حتى لرفضك!! يعني يقدر لك اهتمامك وجديتك بأن تنقل له خبر رفضك بلين وسماحة. وعبر بكلمات طيبة وراقية أنك كنت تود لو سمحت لك الفرصة في أن تفعل ما سألك لأجله (كن صادقا وإلا لا تقل). مثال “كان ودي صج بس للأسف وقتي ما يسمح لي وأتمنى ان الله يوفقك أو تتسهل لك المهمة” او أيا كان الموضوع لأن المجالات كثيرة وواسعة. ولو استطعت (ولهذا أثر بالغ في نفوس الآخرين) أن تدلهم على من قد يساعدهم، حتى لو كان الأمر في محيط الأهل، اقتراحك فقط كفيل بجعلهم يشعرون أنك مهتم لكن حقا لا تستطيع.
اذا، المهم كلمة طيبة رقيقة ولطيفة، ولا خوف بعدها ولا هم يحزنون. فالبشر طيبون ويهمهم اللين ويتأثرون به حتى في حال الرفض. فالقاعدة تقول، بإمكانك أن تقول ما تريد، لكن المهم “كيف” تقوله.

اذا، تحدثنا اليوم عن أنه لا توجد أي مشكلة في قول كلمة لا، مادام اعتقادك أنها أمر طبيعي ولا يعني قسوة مع من طلب أو سأل، وما دمت تقولها باسلوب طيب ولين. وفي المرة القادمة سنتحدث لو كنت أنت الطرف الآخر، وقيلت لك كلمة لا.
ما هي تجاربك ومواقفك مع قول كلمة لا؟ هل تقولها أم تستحي؟ شاركنا
بالمناسبة، قبل سنوات عديدة كنت أستحي أن أرفض، لكن عندما تعلمت بفضل الله، صرت بكل أريحية لو كنت لا أستطيع أو لا أرغب في أمر أقول لا بأدب، والمهم هنا أن بإمكانك أن تقول “لا” دون استخدام هذين الحرفين، اللام والمد بالألف!

0 التعليقات:

إرسال تعليق