الأحد، 17 فبراير 2013
9:46 ص

20 فبراير 2013 .. ميلاد جديد أم ذكرى للتأبين؟


"لقد نجحت حركة 20 فبراير لكنها الآن انتهت"، هكذا يلخّص أستاذ العلوم السياسية والنائب الاتحادي حسن طارق، رأيه في الحركة التي تحلّ في هذا الأسبوع الذكرى الثانية لانطلاقها. "إذا ما قمنا بإحصاء لعدد الانتفاضات التي كانت في كل من تازة وبني بوعياش وفكيك ومراكش وسيدي إفني وطنجة... وفي أقل من سنتين، فإن هذا يعني أننا انتقلنا إلى نوع آخر من الاحتجاج وهو الاحتجاج غير المؤطر وهنا تكمن الخطورة"، تقول الناشطة في صفوف الحركة والمدافعة عنه، وداد ملحاف، موضحة أن هذه الانتفاضات "تنتقل من مطالب اجتماعية إلى مطالب من طبيعة أخرى، كما أن عدد الخسائر المادية والبشرية يكون أكبر، إذن الاحتجاج لم يتوقف في عهد بنكيران، بل انتقل إلى مرحلة أخرى".
النجاح الذي يتحدّث عنه حسن طارق، يجسّده في استعادة الشارع لمطلب الإصلاح السياسي والدستوري، "أي إعادة تملّك الشارع لهذا المطلب، كما نجحت الحركة في إعادة جزئية للسياسة والتسييس، واستطاعت فرض مطلب الإصلاح على أجندات كثيرة، وكسرت الثنائية التي ظلّت متحكمة في موضوع الإصلاح الدستوري، أي الملكية والأحزاب". تحليل تؤكده وداد ملحاف لكنها تضيف أن الإشكال في المغرب، "كون النخب السياسية لم تستطع استيعاب لا الصلاحيات التي خولها الدستور الجديد على علاته ولا التقاط نبض الشارع، لكنني أظن أنه عاجلا أم آجلا ستلتقط هذه النخب كل هذه الإشارات لأن الظروف الدولية والإقليمية تحتم علينا أن ننتقل إلى الديمقراطية الحقيقية".
القيادي والمنسق الإعلامي لحركة 20 فبراير في الرباط، عبد الصمد عياش، يذهب إلى أن الحركة مازالت موجودة وستعود في 20 فبراير 2013. "هذه العودة جاءت لأننا قررنا جعل سنة 2012 محطة لتصحيح الأخطاء، أي أنه وبعدما كانت سنة 2011 سنة للثورة، وسنة 2012 سنة الالتفاف على الثورة من قبل الإسلاميين، فإننا نريد أن نجعل سنة 2013 محطة لتصحيح المسار كما يفعل المصريون". تصحيح قال عياش إنه سيتم بأشكال مختلفة، من بينها "الانفتاح على الأحزاب الداعمة لنا، وتعبئة الجمعيات الحقوقية، والعودة للتواصل مع المواطنين وإحياء الحركة".
فهل تستطيع الحركة التي أتت بأول دستور في عهد محمد السادس ودفنت دستور الحسن الثاني، الانبعاث من تحت الرماد؟ هل مازال للحركة وجود حقيقي وميداني يمكّنها من التعبئة وحشد المتظاهرين بعد سنتين من خروجها الأول؟ وهل يعيد شباب الحركة ذلك المشهد الذي ارتسم يوم 20 فبراير 2011، حين وقف يساريون وإسلاميون، ملتحون ومتحرّرات، شيوخ وصغار، جميعا تحت أمطار ذلك اليوم المشهود، وراء لافتة واحدة وردّدوا بصوت واحد: "الشعب يريد إسقاط الاستبداد"، و"الشعب يريد دستورا جديد؟ وهل تعود حركة الربيع المغربي، بعدما كانت أحد العوامل التي أبقت الطريق مفتوحا أمام الملك ليقود المبادرة في الإصلاح، وجعلت لنفسها سقفا لا يتجاوز المؤسسة الملكية، ويقف عند مطلب الملكية البرلمانية؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرّد تنسيقيات لمناهضة الغلاء، تعود رافعة أعلام الحركة السوداء؟
موقف شعارات الحركة من المؤسسة الملكية جسّده طيلة العامين الماضيين، اختيارها توجيه احتجاجاتها لمؤسسات وشخصيات ورموز، وإن كانت قريبة من المحيط الملكي، إلا أنها كانت أي شيء إلا الملك. وعندما كانت بعض الشعارات تنفلت من رقابة المنظمين، وتمس شخص الملك مباشرة، كانت جل الجهات المنظمة تتبرأ وتنفي. فـ"المؤسسة الملكية نظرت إلى المطالب التي رفعتها حركة 20 فبراير على أنها مشروعة، من قبيل الدعوة إلى إسقاط الفساد والاستبداد والاحتكار والريع..." يقول الباحث محمد ضريف، موضحا أن الملك نفسه كان قد دعا في عدد من خطاباته إلى إصلاح القضاء واعتماد الجهوية الموسعة والحد من الفساد والتجاوزات... "فلم تتعامل المؤسسة الملكية مع الحركة بالمنطق الكمي، أي كم عدد الذين خرجوا في المسيرات، بل تعاملت معها من الناحية الكيفية، أي هل مطالبها مشروعة ام لا، ولا أحد يمكنه الوقوف ضد شعارات إسقاط الفساد".
وبعدما ما ظلّ المكوّن الإسلامي في الحقل السياسي يسمى قبل هبوب رياح الربيع العربي "فزاعة إسلامية"، أصبح بعد 20 فبراير 2011 ورقة "جوكير" رابحة في يد الملك. وهو ما جعل مشاعر فرح متردّد تختلط بخوف من المجهول ساد أركان مقر حزب العدالة والتنمية ليلة الجمعة 25 نونبر 2011، أي ليلة إعلانه فائزا بانتخابات الدستور الجديد. فهل تشكّل الصعوبات التي باتت تواجهها حكومة عبد الإله ابن كيران فرصة لشباب خركة 20 فبراير من اجل العودة بقوة واستعادة الشارع؟ "أعتقد أن علينا أن ننتظر قبل أن نحكم على حكومة ابن كيران بالفشل أو النجاح"، يقول حسن طارق، مضيفا أنه كلما استطاعت العملية السياسية والمؤسساتية ان تكون فاعلة، "تراجع دور الشارع والحركات الاحتجاجية، والعكس بالعكس، أي كلما بهتت العملية السياسية، اتسعت المساحة التي يشغلها الاحتجاج، ولذلك فإن مجيء الحكومة الحالية لم يوقف دينامية الاحتجاج الاجتماعي، بل استمر لكون بذوره غير مرتبطة بالمحطات السياسية، وجاءت ثورات بعض المدن مثل تازة ومراكش... والتي هي امتداد لديناميات سابقة، لكن علينا ان نقرّ بخفوت الاحتجاج السياسي".

0 التعليقات:

إرسال تعليق